الـدرر الـبـهـيـة فـي المـسـائـل الـفـقـهـيـة
للإمام الْمُتَفَنِّن العلامة / محمدِ بنِ عليٍّ الشوكانيّ
المتوفَّى سنة 1250 الهجرية، رحمه الله تعالى
أحمَد من أمرنا بالتَّفَقُّه في الدِّين. وأشكر من أرشدنا إلى اتباع سيد المرسلين. وأصلي وأسلم على الرسول الأمين، وآله والطاهرين، وأصحابه الأكرمين.
كتاب الطهارة
بابٌ الْمِياهُ:
الماء طاهر ومطهِّر.
لا يخرجه عن الوصفين إلا ما غيّر ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات، والثاني ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات الطاهرة.
ولا فرق بين قليلٍ وكثيرٍ، وما فوق القُلَّتين وما دونهما، ومتحركٍ وساكنٍ، ومستعملٍ وغيرِ مستعمل.
بابٌ النجاساتُ:
والنجاسات هي غائط الإنسان مطلقاً، وبوله إلا الذكرَ الرضيعَ، ولُعاب الكلب، ورَوْث، ودمُ حَيض، ولحم خنزير.
وفيما عدا ذلك خلاف.
والأصل الطهارة، فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يُقدَّم عليه.
بابٌ تطهير النجاسات:
ويَطهُر ما يتنجس بغسله حتى لا يبقى لها عين ولا لون ولا ريح ولا طعم، والنعلُ بالمسح.
والاستحالة مطهِّرة، لعدم وجود الوصف المحكوم عليه.
وما لا يمكن غسله فتطهيره بالصَّبِّ عليه، أو النَّزْح منه، حتى لا يبقى للنجاسة أثر.
والماء هو الأصل في التطهير، فلا يقوم غيره مَقامه إلا بإذن من الشارع.
بابٌ قضاءُ الحاجة:
على الْمُتخَلِّي الاستتار حتى يدنوَ من الأرض، والبعدُ أو دخولُ الكَنِيف، وترك الكلام والملابسةِ لما له حرمة، وتجنبُ الأمكنة التي مَنع التخليَ فيها شرعٌ أو عرفٌ، وعدم الاستقبال والاستدبار للقبلة.
وعليه الاستجمار بثلاثة أحجار طاهرة، أو ما يقوم مَقامها.
وتُندب الاستعاذةُ عند الشروع، والاستغفارُ والحمدُ بعد الفراغ.
بابٌ الوُضوءُ:
يجب على كل مكلّف أن يسميَ إذا ذَكَر، ويتمضمضَ ويستنشقَ، ثم يغسلَ جميع وجهه، ثم يديه مع مرفقيه، ثم يمسحَ رأسه مع أُذُنيه، ويجزئ مسح بعضه والمسح على العمامة، ثم يغسلَ رجليه مع الكعبين، وله المسح على الخفين.
ولا يكون وضوءاً شرعياً إلا بالنية لاستباحة الصلاة.
فصل:
يستحب التثليث في غير الرأس، وإطالةُ الغُرّة، والتحجيل، وتقديم السواك، وغسل اليدين إلى الرسغين ثلاثاً قبل الشروع في غسل الأعضاء المتقدمة.
بابٌ نواقضُ الوضوء:
وينتقض الوضوء بما خرج من الفرجين من عين أو ريح، وبما يوجب الغُسلَ، ونومِ المضطجع، وأكلِ لحم الإبل، والقيءِ ونحوِه، ومسِّ الذَّكَر.
بابٌ الغُسلُ:
يجب بخروج المنِيِّ بشهوةٍ ولو بتفكّر، وبالتقاء الختانين، وبانقطاع الحيض والنفاس، وبالاحتلام مع وجود بلل، وبالموت، وبالإسلام.
فصل:
والغُسل الواجب هو أن يُفيضَ الماء على جميع بدنه أو ينغمسَ فيه، مع المضمضة والاستنشاق، والدلكِ لما يمكن دلكه.
ولا يكون شرعياً إلا بالنية لرفع موجِبه.
ونُدب تقديم غسل أعضاء الوضوء إلا القدمين، ثم التيامنُ.
فصل:
ويشرع لصلاة الجمعة، وللعيدين، ولمن غسّل ميتاً، وللإحرام، ولدخول مكةَ.
بابٌ التيممُ:
يستباح به ما يستباح بالوضوء والغسل، لمن لا يجد الماء أو خشي الضرر من استعماله.
وأعضاؤه الوجه ثم الكفّان؛ يمسحهما مرّةً واحدةً بضربةٍ واحدةٍ ناوياً مسمّياً.
ونواقضه نواقض الوضوء.
بابٌ الحيضُ:
لم يأت في تقدير أقله وأكثره ما تقوم به الحجة، وكذلك الطُّهر.
فذات العادة المتقرِّرةِ تعمل عليها.
وغيرُها ترجع إلى القرائن، فدمُ الحيض يتميز عن غيره. فتكون حائضاً إذا رأت دمَ الحيض، ومستحاضةً إذا رأت غيرَه.
وهي كالطاهرة، وتغسل أثر الدمِ وتتوضأ لكل صلاة.
والحائض لا تصلي ولا تصوم ولا تُوطَأ حتى تغتسل بعد الطُّهر، وتقضي الصيام.
فصل:
والنفاس أكثره أربعون يوماً، ولا حدَّ لأقله.
وهو كالحيض.